فصل: 337- باب تحريم رفع المأموم رأسه من الركوع أَو السجود قبل الإمام:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تطريز رياض الصالحين



.334- باب كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة:

والمُرادُ بِهِ الحَديثُ الذي يَكُونُ مُبَاحًا في غَيرِ هذا الوَقْتِ، وَفِعْلُهُ وَتَرْكُهُ سواءٌ. فَأَمَّا الحَديثُ المُحَرَّمُ أو المَكرُوهُ في غير هذا الوقتِ، فَهُوَ في هذا الوقت أشَدُّ تَحريمًا وَكَرَاهَةً. وأَمَّا الحَديثُ في الخَيرِ كَمُذَاكَرَةِ العِلْمِ وَحِكايَاتِ الصَّالِحِينَ، وَمَكَارِمِ الأخْلاَقِ، والحَديث مع الضَّيفِ، ومع طالبِ حَاجَةٍ، ونحو ذلك، فلا كَرَاهَة فيه، بل هُوَ مُسْتَحَبٌّ، وكَذَا الحَديثُ لِعُذْرٍ وعَارِضٍ لا كَراهَةَ فِيه. وقد تظاهَرَتِ الأحَاديثُ الصَّحيحةُ على كُلِّ ما ذَكَرْتُهُ.
1746- عن أبي بَرْزَةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يكرهُ النَّومَ قَبْلَ العِشَاءِ والحَديثَ بَعْدَهَا. متفقٌ عليه.
فيه: دليل على كراهة الأمرين.
وروى الحافظ المقدسي من حديث عائشة مرفوعًا: «لا سَمَرَ إلا لثلاثة، مصلٍّ، أو مسافر، أو عروس».
قال النووي: واتفقت العلماء على كراهة الحديث بعدها، إلا ما كان في خير.
1747- وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى العِشَاء في آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قال: «أرأيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هذِه؟ فَإنَّ عَلَى رَأسِ مِائَةِ سَنَةٍ لا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ علَى ظَهْرِ الأرْضِ اليَومَ أحَدٌ». متفق عليه.
فيه: دليل على جواز الحديث بعد العشاء إذا كان في الخير.
وفيه: معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم، فقد أجمع العلماء على أنَّ أبا الطفيل، عامر بن واثلة آخر الصحابة موتًا، وغاية ما قيل فيه: أنه مات سنة مائة وعشر، وذلك رأس مائة سنة من مقالته صلى الله عليه وسلم.
1748- وعن أنس رضي الله عنه أنَّهم انتظروا النبي صلى الله عليه وسلم فَجَاءهُمْ قَريبًا مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ فَصَلَّى بِهِمْ- يَعْنِي: العِشَاءَ- ثمَّ خَطَبنا فقالَ: «ألا إنَّ النَّاسَ قَدْ صَلُّوا، ثُمَّ رَقَدُوا، وَإنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلاَةَ». رواه البخاري.
فيه: جواز التكلم بالخير، بل ندبه بعد صلاة العشاء.

.335- باب تحريم امتناع المرأة من فراش زوجها إِذَا دعاها ولم يكن لَهَا عذر شرعي:

1749- عن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبحَ». متفق عَلَيْهِ.
وفي رواية: «حَتَّى تَرْجعَ».
الفراش: كناية عن الجماع.
وفي رواية عند مسلم: «والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه، إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها».
ولابن خزيمة من حديث جابر رفعه: «ثلاثة لا تقبل لهم صلاة، ولا يصعد لهم إلى السماء حسنة، العبد الآبق حتى يرجع، والسكران حتى يصح، والمرأة الساخط عليها زوجها حتى يرضى».

.336- باب تحريم صوم المرأة تطوعًا وزوجها حاضر إِلا بإذنه:

1750- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإذْنِهِ، وَلا تَأذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلا بِإذْنِهِ». متفق عَلَيْهِ.
في هذا الحديث: تحريم صوم المرأة تطوُّعًا، إلا بإذن الزوج.
وعند الطبراني عن ابن عباس مرفوعًا: «فإن فعلت لم يقبل منها». وهذا في غير قضاء رمضان إذا تضايق الوقت.
وفي الحديث: أنَّ حق الزوج آكد على المرأة من التطوع بالخير.

.337- باب تحريم رفع المأموم رأسه من الركوع أَو السجود قبل الإمام:

1751- عن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أمَا يَخْشَى أحَدُكُمْ إِذَا رَفَعَ رَأسَهُ قَبْلَ الإمَامِ أنْ يَجْعَلَ اللهُ رَأسَهُ رَأسَ حِمَارٍ! أَوْ يَجْعَلَ اللهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ». متفق عَلَيْهِ.
قوله: «أما» استفهام توبيخ.
وفيه: وعيد شديد لمن سابق الإمام.
وفيه: وجوب متابعة الإمام.
وفي الحديث: كمال شفقته صلى الله عليه وسلم بأمته وبيانه لهم من الأحكام، وما يترتب عليها من الثواب والعقاب.
قال الحافظ: ظاهر الحديث يقتضي تحريم الرفع قبل الإمام، لكونه توعّد عليه بالمسخ، وهو أشد العقوبات، ومع الإثم، فالصحيح صحة الصلاة وإجزؤها.

.338- باب كراهة وضع اليد عَلَى الخاصرة في الصلاة:

1752- عن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: نُهِيَ عن الخَصْرِ في الصَّلاَةِ. متفق عَلَيْهِ.
الخاصرة: هي الشاكلة. والحكمة في النهي عن الاختصار أنه فعْل اليهود، وقد نهينا عن التشبّه بهم. وقيل: لأنه ينافي الخشوع. وقيل لأنه فعل المتكبرين.

.339- باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، ونفسه تتوق إِلَيْهِ أَوْ مَعَ مدافعة الأخبثين: وهما البول والغائط:

1753- عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: «لا صَلاَةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ». رواه مسلم.
وفي رواية: «إذا أقيمت الصلاة، وحضر العشاء، فابدؤوا بالعشاء».
وفيه: دليل على تقديم فضيلة الخشوع في الصلاة على فضيلة أول الوقت، ولو فاتته الجماعة، ولا يجوز اتخاذ ذلك عادة.
قال ابن دقيق العيد: ومدافعة الأخبثين، إما أنْ تؤدي إلى الإخلال بركن أو شرط أو لا، فإن أدّى إلى ذلك امتنع دخول الصلاة معه، وإن دخل واختل الركن أو الشرط فسدت الصلاة بذلك الإخلال، وإن لم يؤد إلى ذلك فالمشهور فيه الكراهة.

.340- باب النهي عن رفع البصر إِلَى السماء في الصلاة:

1754- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَالُ أقْوامٍ يَرْفَعُونَ أبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ في صَلاَتِهِمْ»! فَاشْتَدَّ قَولُهُ في ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: «لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ لَتُخطفَنَّ أَبْصَارُهُمْ»!. رواه البخاري.
في هذا الحديث: دليل على تحريم رفع البصر إلى السماء في الصلاة؛ لأنه ينافي الخشوع.
قال القاضي عياض: واختلفوا في غير الصلاة في الدعاء، فكرهه قوم، وجوزه الأكثرون.

.341- باب كراهة الالتفات في الصلاة لغير عذر:

1755- عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: سألت رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الالتفَاتِ في الصَّلاَةِ، فَقَالَ: «هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ العَبْدِ». رواه البخاري.
الاختلاس: الأَخْذُ بسرعة على غفلة.
والحديث يدل على كراهة الالتفات في الصلاة إذا كان التفاتًا لا يبلغ إلى استدبار القبلة بصدره، أو عنقه كله، وإلا كان مبطلًا للصلاة، وسبب كراهته نقصان الخشوع.
1756- وعن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إيَّاكَ والالتِفَاتَ فِي الصَّلاَةِ، فَإنَّ الالتفَاتَ في الصَّلاَةِ هَلَكَةٌ، فَإنْ كَانَ لابُدَّ، فَفِي التَّطَوُّعِ لا في الفَريضَةِ». رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
فيه: دليل على أنَّ الاهتمام بالفرض والاعتناء به، فوق الاعتناء بالنفل.
قوله: «فإن الالتفات في الصلاة هلكة»، أي: سبب الهلاك، وذلك لأن من استخفّ بالمكروهات وواقعها، وقع في المحرمات، فأهلك نفسه بتعريضها للعقاب.

.342- باب النهي عن الصلاة إِلَى القبور:

1757- عن أَبي مَرْثَدٍ كَنَّازِ بْنِ الحُصَيْنِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «لا تُصَلُّوا إِلَى القُبُورِ، وَلا تَجْلِسُوا عَلَيْهَا». رواه مسلم.
في هذا الحديث: النهي عن الصلاة إلى القبور، والقعود عليها.
قال الشافعي: وأكره أنْ يُعَظَّم مخلوق حتى يجعل قبره مسجدًا مخافة الفتنة عليه.
قال صاحب (الاختيارات) شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا تصح الصلاة في المقبرة، ولا إليها، والنهي عن ذلك إنما هو سدٌّ لذريعة الشرك.
وذكر طائفة من أصحابنا: أنَّ القبر والقبرين لا يمنع من الصلاة؛ لأنه لا يتناوله اسم المقبرة، وإنما المقبرة ثلاثة قبور فصاعدًا، وليس في كلام أحمد وعامة أصحابه هذا الفرق، بل عموم كلامهم وتعليلهم واستدلالهم بوجب منع الصلاة عند قبر واحد من القبور وهو الصواب، إلى أنْ قال: والمذهب الذي عليه عامة الأصحاب كراهة دخول الكنيسة المصورة، والصلاة فيها، وكل مكان فيه تصاوير أشد كراهة. انتهى.